ما هو المحتوى المحلي؟ وكيف تُحسب نسبته في العقود الحكومية؟
في ظل رؤية المملكة 2030، أصبح تعزيز المحتوى المحلي أحد أهم الركائز الاقتصادية التي تُسهم في دفع عجلة التنمية الوطنية، وخلق فرص العمل، وتنمية الصناعات والخدمات المحلية. لكن ما هو المحتوى المحلي بالتحديد؟ ولماذا يُعد مؤشرًا مهمًا في العقود والمشاريع؟ وكيف يمكن للمقاولين والموردين حسابه بدقة؟ هذا ما سنوضحه في هذا المقال.
ما هو المحتوى المحلي؟
المحتوى المحلي هو إجمالي الإنفاق داخل المملكة العربية السعودية على العناصر التالية خلال تنفيذ عقد أو مشروع معين:
-
القوى العاملة السعودية: يشمل الرواتب، البدلات، والتأمينات الاجتماعية التي تُصرف للموظفين السعوديين.
-
السلع والخدمات المنتجة محليًا: مثل المواد والمعدات التي يتم شراؤها من منشآت سعودية، أو الخدمات المقدمة من شركات محلية.
-
الأصول الثابتة المحلية: مثل الآلات والمعدات التي تُشترى من السوق المحلي وتُستخدم في المشروع.
-
أنشطة نقل المعرفة والتقنية: مثل برامج التدريب، توطين المهارات، والاتفاقيات مع الجهات التعليمية والبحثية السعودية.
وبمعنى آخر، فإن كل ريال يُنفق داخل الاقتصاد السعودي ويُسهم في توطين الصناعة أو تنمية الكوادر الوطنية يُحتسب ضمن المحتوى المحلي.
لماذا يُعد المحتوى المحلي مهمًا؟
تعزيز المحتوى المحلي يحقق فوائد عديدة، منها:
-
توطين الوظائف وتقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية.
-
دعم الصناعات الوطنية وزيادة فرص المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
-
رفع مستوى الكفاءة التشغيلية من خلال تطوير سلاسل الإمداد المحلية.
-
تحفيز الابتكار ونقل التقنية إلى داخل المملكة.
ولهذا السبب، بدأت العديد من الجهات الحكومية (مثل هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية) في فرض نسب مستهدفة من المحتوى المحلي في العقود والمنافسات.
النسبة المستهدفة للمحتوى المحلي في العقود
تختلف النسب المستهدفة للمحتوى المحلي بحسب القطاع ونوع المشروع. ومع ذلك، هناك توجيهات عامة معمول بها في كثير من الجهات:
-
في مشاريع الخدمات والصيانة: تتراوح النسبة المستهدفة من 30% إلى 50%.
-
في مشاريع التوريد: قد تكون النسبة 35% كحد أدنى، خصوصًا إذا كانت المنتجات محلية الصنع متوفرة.
-
في مشاريع الإنشاءات أو البنية التحتية: تُشجع بعض الجهات على الوصول إلى 50% أو أكثر من قيمة العقد.
ويتم تحديد هذه النسب في كراسة الشروط والمواصفات، أو في وثائق المنافسة، ويجب على المتقدمين توضيح خططهم لتحقيق هذه النسب ضمن عروضهم.
كيف يتم احتساب المحتوى المحلي؟
لحساب نسبة المحتوى المحلي في عقد معين، تُستخدم المعادلة التالية:
ما يُعتبر "إنفاقًا محليًا"؟
✅ يدخل ضمن الإنفاق المحلي:
-
رواتب وأجور الموظفين السعوديين.
-
المشتريات من موردين سعوديين مسجلين في المملكة.
-
الخدمات المقدمة من شركات محلية (كالتوريد والتركيب والصيانة).
-
نفقات التدريب والتأهيل داخل المملكة.
❌ لا يدخل ضمنه:
-
الرواتب المدفوعة للعمالة الأجنبية.
-
الاستيراد من الخارج.
-
العقود الفرعية مع جهات غير سعودية.
-
شراء منتجات وخدمات من شركات أجنبية حتى وإن كانت تعمل في السعودية.
مثال تطبيقي:
فلنفترض أن إحدى الشركات حصلت على عقد بقيمة 10 ملايين ريال لتنفيذ مشروع حكومي.
خلال فترة التنفيذ، أنفقت الشركة:
-
2 مليون ريال رواتب سعوديين
-
1.5 مليون ريال في شراء مواد من موردين محليين
-
500 ألف ريال خدمات تدريب ونقل معرفة داخل المملكة
الإجمالي المحلي = 4 ملايين ريال
إذًا:
نسبة المحتوى المحلي المحققة: 40%
وهذا يُعد إنجازًا جيدًا إذا كانت النسبة المستهدفة في العقد 30% مثلاً.
كيف تُثبت نسبة المحتوى المحلي؟
تلتزم الشركات بتقديم تقارير دورية (ربع سنوية أو سنوية) تشمل:
-
كشوف الرواتب للموظفين السعوديين.
-
فواتير الموردين المحليين.
-
عقود الخدمات والتدريب المنفذة داخل المملكة.
كما قد تقوم الجهات المشرفة على العقود بمراجعة البيانات ميدانيًا للتأكد من دقتها.
خلاصة المقال:
-
المحتوى المحلي ليس مجرد مصطلح إداري، بل هو أداة استراتيجية لتنمية الاقتصاد الوطني.
-
تعتمد النسبة المستهدفة على نوع العقد والجهة الحكومية، وتُحتسب كنسبة من الإنفاق المحلي إلى إجمالي العقد.
-
الشركات الذكية تسعى لتحقيق أعلى نسبة محتوى محلي ممكنة لتحسين تقييمها التنافسي، وضمان التوافق مع متطلبات الجهات المانحة للعقود.
تعليقات
إرسال تعليق
أكتب تعليقك إذا كان لديك أي إستفسار أو طلبات